إلى أمي
في كل فصل موسمي حين تفتح الزهورْ
أكمامها
كل ربيع حين يكثر الضباب والمطرْ
دوماً أسير جانب النهر الصغيرْ
في قريتي
لقبر أمي
حيث أهديها بصمتٍ
زهرة ً برية ً
أتركها تبكي على قبرها
لكنني الآنَ
وقد سافرت مبتعداً
تكاثر البامبو وأعواد القصبْ
أمام قبركْ
سادت به الحشائش البرية ْ
فمن سيأتي كي يقصْ
عن قبرك الحشائش الزائدة ْ؟!
يزيح أعشاباً تسلقتْ على قبركْ ؟
أماه، معذرة ً!
بحثاً عن الحرية ْ
بحثاً عن الحلم الجميلْ
كان الرحيلْ
عن وطني الذي يسوده الشقاءْ
عن قريتي المنهكة ْ
والآنَ فصلٌ موسميٌ فيه تفتح الزهورْ
أكمامها
وكل ما استطعته الوقوف فوق الجبلْ
أنظر في اتجاه قريتي
بحثاً عن الوادي الذي
كنت صبيًّا فيه أرعى ماعزاً وبقرْ
بحثاً عن النهر الذي
كنت صبيًّا فيه ألهو باحثاً عن السمكْ
أين يكون قبر أمي؟
ولماذا لا أرى إلا غماماً دائماً
إلا جبالاً لونها أخضر لا تعدْ!
وكنت أذكرْ
طفلاً بعيداً يذكر الزمنْ
شذا الزهورْ
أمام أبواب المنازلْ
تحمله الرياحْ
وكنت دوماً أرتمي في حضنكْ
منتظراً أول نجم ساطعٍ من جهة الشرقْ
والآنَ غيم الغروبْ
في القرية الغريبة ْ
ما زال يحمل ابتسامة الشحوبْ
في القرية الغريبة ْ
وتفتح الزهور أكمامها
لكنني أمي الحبيبة ْ
رحلتُ عن دنيا الشقاءْ
إلى بلادٍ لست أدري كنهها ..
كئيبة ٍ!
أفكاريَ الشاردة ْ
مثل السحاب والبحارْ
بعيدة ٌ، كبيرة ٌ
أمواج قلبي مثل موج البحر ثائرة ٌ
ولست أنسى أبداً
ذاك المساء الحزينْ
حملتُ أختي
صغيرة ً كانتْ
و أودعناكِ في القبرْ
لم تكُ أختي بعدُ تفهم الشَجَنْ
كانت طوال الطريقْ
تشدو بأغنية ٍ
كانت تقولْ:
"أمي تعود غداً
حاملة ً سلة فاكهة ٍ
حاملة ً طفلاً صغيراً"
أحمل مصباح زيتْ
أسمع صوت الطير والحشراتْ
يأتي من النافذة ْ
وصوت غيثٍ خافتاً
أمي
أخذتِ معكْ
دفء الحياة كلهُ
لم تتركي
لم تتركي سوى فراغ ٍ شاسع ٍ
هل تعلمينْ؟
بأن أختي لحظة الغروب تلك الرائعة ْ
تريد أن تصعد في الشرفة ْ
تمد طرفها لدرب صغيرْ
لأنها موقنة ٌ أنْ ذات يومْ
سترجعينْ
من ذلك الدرب الصغير المختفي في الضبابْ
والآنَ فصلٌ موسميٌ آخرٌ
وتفتح الزهور أكمامها
ولست أرفض الرجوعَ
كي أزورَ قبر أمي
كي أرى قريتنا القديمة ْ
لكن درب عودتي الآن انقطعْ
في بلدي ، تجري الدما في كل شبرْ
وقريتي قد مُلِئتْ وحدة ً
أمي!
الأذْن لا تسمع شيئاً طيباً
سوى بكا نهر "تشيانجْ"
ولست أدري أي عام ٍ ، أي يوم ٍ
أي فصل موسمي فيه تفتح الزهورْ
أكمامها
وفيه أستطيع أن أزور قبركْ؟
أهدي إليكِ زهرة ً برية ً
أتركها تبكي على قبركْ!